عمان – (أ ش أ)
أكد مفكرون إسلاميون أن نظام حكم الفرد المطلق في العالم العربي ولى ولن يعود بعد اندلاع الثورات في الدول العربية، مشيرين إلى أن تلك الثورات اندلعت بسبب الانتشار الكبير للفساد وسطوة الاستبداد وتآكل الطبقة الوسطى في المجتمعات العربية.
صورة أرشيفية لمتظاهرين مصريين في ميدان التحرير |
وأوضح المفكرون، في ندوة نظمها المنتدى العالمي للوسطية بمقر المركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان تحت عنوان ''معالم الفجر الجديد''، أن هناك قواسم مشتركة للثورات العربية تستند على التطلعات الوطنية والدينية والقومية وتطوير العلاقات البينية بين الدول العربية وإقامة علاقة تعتمد على الندية لا التبعية مع الدول الأجنبية.
بدوره، أرجع المفكر الإسلامي المصري الدكتور محمد مورو جذور الثورات العربية إلى الأسباب الموضوعية والذاتية، وقال ''إن الأسباب الموضوعية منها تتمثل بالفساد واختلال معايير العدالة والانغلاق السياسي وتزوير إرادة الشعوب في الانتخابات وقمع وقهر للرأي العام وانكسار للكرامة والعزة العربية والإسلامية''.
وأضاف إن المعايير الذاتية كانت عدم وجود قوى قادرة على ترجمة الغضب الشعبي من عوامل الخلل وأن غياب هذه القوى أدى إلى مواصلة الصمت، مشيرا إلى أن القوى السياسية العربية افتقدت الى الخيال لمعرفة أن النظام العربي كان ضعيفا ولم يعد له أسباب وجود في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ولفت مورو إلى أن السلطة العربية كانت ملقاة على قارعة الطريق تنتظر من يلتقطها والقوى الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية غير قادرة على التدخل لأنها في اضعف حالاتها ولأنها تريد أنظمة مستقرة بأي ثمن، وأوروبا مصلحتها وقف الهجرة إليها من الدول الأفريقية.
وقال إن النظام الرأسمالي سبب ويلات كثيرة لأنظمة الحكم عربيا وعالميا وبات العالم ينتظر نظام دولي جديد يخلصه من غياب العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مؤكدا أن النظام الإسلامي يمتلك الجوانب النظرية والممارسة العملية للخلاص من هذه الويلات التي سيطرت على المجتمعات التي استبدت فيها أنظمتها في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مشيرا إلى أن العالمية الإسلامية تحقق الحرية وتساهم بدحر أنظمة الاستكبار.
بدوره، قال الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربي نائب رئيس مجلس النواب الدكتور سعد الدين العثماني إن غياب التوازن بين الدولة والمجتمع كان من أحد أسباب الثورات العربية، مؤكدا فقدان معادلة التوازن في السياسة العربية المتمثل في استبداد الدولة وتدخلها في كل شئون حياة المواطن التي أصبحت خانقة للإنسان بسبب غياب مؤسسات المجتمع المدني عن مراقبة الدولة لفترات طويلة ليأتي هذا الانفجار مجلجلا من قبل مجتمعاتها.
وأوضح أن النظام الإسلامي يرتكز على محورية التوازن بين الدولة والمجتمع حيث كان هناك استقلالية للمجتمع في التعليم والصحة والقضاء والمياه والزراعة وكانت مهمة الدولة تنحصر في الدفاع والأمن ووظائف أخرى تتعلق بحماية الحريات وأمن المواطن.
وأشار إلى أن تدخل الدولة في حياة المواطن والاعتداء على كرامته وحرياته وحرماته والظلم الاجتماعي الفاحش والإذلال الكبير إضافة إلى إهدار الكرامة والضغط الكبير على الناس أدى إلى انفجار هذه الثورات، مبينا أن الشباب كانوا أكثر الناس تضررا وعذابا ويأسا مما دعاهم لقيادة عملية التغيير.
وقال ''إن التأثير لهذه الأنظمة العربية يختلف من دولة إلى أخرى حسب إيقاع هذه العلاقة فالنظام الذي يمتلك درجة من الانفتاح على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي كان تأثره اقل من غيره بكثير''.
وأشاد العثماني بالتطور الذاتي والمستمر والإصلاح السياسي الذي يشهده الأردن والمغرب والتعديلات الدستورية الرائدة نحو الديمقراطية، معتبرا إياهما من الأنظمة العربية التي استجابت لمتطلبات المرحلة باعتبارهما من الأنظمة الديمقراطية في العالم العربي.
من جانبه، أكد رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للوسطية رئيس وزراء السوداني الأسبق الصادق المهدي على أن نظام حكم الفرد المطلق قد انتهى ولن يعود، مبينا أن العالم العربي يشهد وحدة ثقافية ووجدانية وتطلعات مشتركة.
وأشار المهدي إلى العوامل المشتركة التي تربط وجدانيات العالم العربي في التمسك بالعلاقات العربية البينية المبنية على أساس وحدوي وقيام علاقات مع العالم الغربي على أساس الندية لا التبعية ،والسلام على أساس العدل لا الظلم والإجحاف.
وأكد أن الأهداف العربية تنطلق من مبادئ الإسلام، مرجحا نجاح الثورات العربية رغم كل عوامل القوى المضادة لها لأن سحر الطغيان قد بطل مفعوله وبدأ يتحسس جسمه، مشيرا إلى أن أنظمة الحكم في اليمن وليبيا تحولت إلى الفردية المطلقة لهذا فقدت شرعيتها وأن نجاح الثورات في هذه البلدان بالنصر سيكلفها ثمنا باهظا كما أنها أعطت لمؤسسة ''الناتو'' دورا تحريريا.
وقال إن أنظمة الحكم الملكية في الأردن والمغرب هي أكثر استنارة واستجابة للتغيرات وأكثر استقرارا لأنها تستند إلى شرعية هاشمية وفيها تجمعات مدنية متطورة وتتجه إلى نهج ملكيات دستورية حقيقية توفق بين الولاء للعرش والولاء لسلطة الشعب والتي تقدم نمطا حقيقيا ونموذجا يحتذى، موضحا أن الأنظمة التي تصمد هي التي تستطيع المزاوجة بين سلطة الشعب والعرش.
وأشار إلى أن أنظمة الحكم في دول الخليج العربي فيها تحصين نسبي من رياح التغيير التي يشهدها العالم العربي بسبب الوفرة النفطية، داعيا إياها إلى الاقتداء بالنموذج الأردني والمغربي في إدارة الحكم لمعالجة التناقضات.
ورأى المهدي أنه في حال إذا ما فشلت الثورات العربية في تحقيق أهدافها فأنها لن تعود إلى المربع الأول مهما كلفها الأمر.
المصدر: موقع مصراوى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
جميع تعليقات مدونة الكنز المصرى تعبر فقط عن رأى كتابها والمدونة لا تتحمل مسئولية أى تعليق منشور